الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله ، وعلى آله وصحبه .
أما بعد.
فقرأت اليوم للإمام ابن القيم رحمه الله هذه الكلمات النيرات، ومدارها على عبدٍ خلَّى الله تعالى بينه وبين ذنوبه، فوقع فيها وارتكب ما حرمه الله عليه، ثم بعد ذلك تاب إلى الله وأناب إليه، وخشيه في السر والعلن، وخاف على نفسه أن يعاقبه الله تعالى على هذه الذنوب، فندم أشد الندم، وإن بعض إخواننا وأخواتنا، ممن يخافون الله تعالى قد تجلب لهم مثل هذه الذنوب النكد والهم والغم، والتحسر الشديد، فهذه الكلمات خطاب لهم.
أما الإخوة والأخوات الذين لا يبالون بالذنوب ولا يعرفون لها قدر، وقد نزع الله من قلوبهم الخشية والرحمة والخوف ، فهؤلاء لا سبيل لهم في هذه الكلمات، هدانا الله وإياهم لكل خير، وهذه مقدمة بين كلام ابن القيم رحمه الله حتى لا يفهمه أحد أنه دعوة للوقوع في الذنوب والمعاصي ، والله أعلم.
** قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الماتع " طريق الهجرتين" ص(286- 292):" الحكمة في تخلية الله سبحانه وتعالى بين العبد وبين الذنب وإقداره عليه وتهيئة أسبابه له وأنه لو شاء لعصمه وحال بينه وبينه، ولكنه خلى بينه وبينه لحكم عظيمة لا يعلم مجموعها إلا الله:
* أحدها: أنه يحب التوابين ويفرح بتوبتهم، فلمحبته للتوبة وفرحه بها قضى على عبده بالذنب ثم إذا كان ممن سبقت له العناية قضى له بالتوبة.
* الثاني: تعريف العبد عزة الله سبحانه في قضائه ونفوذ مشيئته وجريان حكمه.
*الثالث: تعريفه حاجته إلى حفظه وصيانته وأنه إن لم يحفظه ويصنه فهو هالك ولا بد والشياطين قد مدت أيديها إليه تمزقه كل ممزق.
*الرابع: استجلابه من العبد استعانته به واستعاذته به من عدوه وشر نفسه ودعائه والتضرع إليه والابتهال بين يديه.
*الخامس: إرادته من عبده تكميل مقام الذل والانكسار فإنه متى شهد صلاحه واستقامته شمخ بأنفه وظن أنه وأنه فإذا ابتلاه بالذنب تصاغرت عنده نفسه وذل وتيقن وتمنى أنه وأنه.
*السادس: تعريفه بحقيقة نفسه وأنها الخطاءة الجاهلة وأن كل ما فيها من علم أو عمل أو خير فمن الله مَنَّ به عليه لا من نفسه.
*السابع: تعريفه عبده سعة حلمه وكرمه في ستره عليه فإنه لو شاء لعاجله على الذنب ولهتكه بين عباده فلم يصف له معهم عيش.
*الثامن: تعريفه أنه لا طريق إلى النجاة إلا بعفوه ومغفرته.
*التاسع: تعريفه كرمه في قبول توبته ومغفرته له على ظلمه وإساءته.
*العاشر: إقامة الحجة على عبده فإن له عليه الحجة البالغة فإن عذبه فبعدله وببعض حقه عليه بل باليسير منه.
*الحادي عشر: أن يعامل عباده في إساءتهم إليه وزلاتهم معه بما يجب أن يعامله الله به فإن الجزاء من جنس العمل، فيعمل في ذنوب الخلق معه ما يحب أن يصنعه الله بذنوبه.
*الثاني عشر: أن يقيم معاذير الخلائق وتتسع رحمته لهم مع إقامة أمر الله فيهم فيقيم أمره فيهم رحمة لهم لا قسوة وفظاظة عليهم.
*الثالث عشر: أن يخلع صولة الطاعة والإحسان من قلبه فتتبدل برقة ورأفة ورحمة.
*الرابع عشر: أن يعريه من داء العجب بعمله كما قال النبي «لو لم تذنبوا لخفت عليكم ما هو أشد منه العجب» أو كما قال.
*الخامس عشر: أن يعريه من لباس الإدلال الذي يصلح للملوك ويلبسه لباس الذل الذي لا يليق بالعبد سواه.
*السادس عشر: أن يستخرج من قلبه عبوديته بالخوف والخشية وتوابعهما من البكاء والإشفاق والندم.
*السابع عشر: أن يعرف مقداره مع معافاته وفضله في توفيقه وعصمته فإن من تربى في العافية لا يعرف ما يقاسيه المبتلى، ولا يعرف مقدار العافية.
*الثامن عشر: أن يستخرج منه محبته وشكره لربه إذا تاب إليه ورجع إليه فإن الله يحبه ويوجب له بهذه التوبة مزيد محبة وشكر ورضا لا يحصل بدون التوبة وإن كان يحصل بغيرها من الطاعات أثر آخر لكن هذا الأثر الخاص لا يحصل إلا بالتوبة.
*التاسع عشر: أنه إذا شهد إساءته وظلمه واستكثر القليل من نعمة الله لعلمه بأن الواصل إليه منها كثير على مسيء مثله فاستقل الكثير من عمله لعلمه بأن الذي يصلح له أن يغسل به نجاسته وذنوبه أضعاف أضعاف ما يفعله فهو دائما مستقل لعمله كائنا ما كان ولو لم يكن في فوائد الذنب وحكمه إلا هذا وحده لكان كافيا.
*العشرون: أنه يوجب له التيقظ والحذر من مصايد العدو ومكايده ويعرفه من أين يدخل عليه وبماذا يحذر منه كالطبيب الذي ذاق المرض والدواء.
*الحادي والعشرون: أن مثل هذا ينتفع به المرضى لمعرفته بأمراضهم وأدوائها.
*الثاني والعشرون: أنه يرفع عنه حجاب الدعوى ويفتح له طريق الفاقة فإنه لا حجاب أغلظ من الدعوى ولا طريق أقرب من العبودية فإن دوام الفقر إلى الله مع التخليط خير من الصفاء مع العجب.
*الثالث والعشرون: أن تكون في القلب أمراض مزمنة لا يشعر بها فيطلب دواءها فيمن عليه اللطيف الخبير ويقضي عليه بذنب ظاهر فيجد ألم مرضه فيحتمي ويشرب الدواء النافع فتزول تلك الأمراض التي لم يكن يشعر بها ومن لم يشعر بهذه اللطيفة فغلظ حجابه كما قيل:
لعل عتبك محمود عواقبه *** وربما صحت الأجسام بالعلل .
*الرابع والعشرون: أنه يذيقه ألم الحجاب والبعد بارتكاب الذنب ليكمل له نعمته وفرحه وسروره إذا اقبل بقلبه إليه وجمعه عليه وأقامه في طاعته فيكون التذاذه في ذلك بعد أن صدر منه ما صدر بمنزلة التذاذ الظمآن بالماء العذب الزلال، والشديد الخوف بالأمن، والمحب الطويل الهجر بوصل محبوبه، وإن لطف الرب وبره وإحسانه ليبلغ بعبده أكثر من هذا فيا بؤس من أعرض عن معرفة ربه ومحبته.
*الخامس والعشرون: امتحان العبد واختباره هل يصلح لعبوديته وولايته أم لا فإنه إذا وقع الذنب سلب حلاوة الطاعة والقرب ووقع في الوحشة فإن كان ممن يصلح اشتاقت نفسه إلى لذة تلك المعاملة فحنت وأنَّت وتضرعت واستعانت بربها ليردها إلى ما عودها من بره ولطفه وإن ركنت عنها واستمر إعراضها ولم تَحنُّ إلى تعهدها الأول ومألوفها ولم تحسن بضرورتها وفاقتها الشديدة إلى مراجعة قربها من ربها علم أنها لا تصلح لله وقد جاء هذا بعينه في أثر إلهي لا أحفظه.
*السادس والعشرون: أن الحكمة الإلهية اقتضت تركيب الشهوة والغضب في الإنسان أو بعضها ولو لم يخلق فيه هذه الدواعي لم يكن إنسانا بل ملكا فالذنب من موجبات البشرية كما أن النسيان من موجباتها كما قال النبي :«كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» ولا يتم الابتلاء والاختبار إلا بذلك والله أعلم.
* السابع والعشرون: أن ينسيه رؤية طاعته ويشغله برؤية ذنبه فلا يزال نصب عينيه فإن الله إذا أراد بعبد خيرا سلب رؤية أعماله الحسنة من قلبه والإخبار بها من لسانه وشغله برؤية ذنبه فلا يزال نصب عينيه حتى يدخل الجنة فإن ما تقبل من الأعمال رفع من القلب رؤيته ومن اللسان ذكره.
وقال بعض السلف:" إن العبد ليعمل الخطيئة فيدخل بها الجنة ويعمل الحسنة فيدخل بها النار، قالوا كيف؟ قال: يعمل الخطيئة فلا تزال نصب عينيه إذا ذكرها ندم واستقال وتضرع إلى الله وبادر إلى محوها وانكسر وذل لربه وزال عنه عجبه وكبره، ويعمل الحسنة فلا تزال نصب عينيه يراها ويمن بها ويعتد بها ويتكبر بها حتى يدخل النار".
*الثامن والعشرون: أن شهود ذنبه وخطيئته يوجب له أن لا يرى له على أحد فضلاً ولا له على أحد حقاً فإنه إذا شهد عيب نفسه بفاحشة وخطأها وذنوبها لا يظن أنه خير من مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، وإذا شهد ذلك من نفسه لم ير لها على الناس حقوقاً من الإكرام يتقاضاهم إياها ويذمهم على ترك القيام بها فإنها عند أخس قدرا وأقل قيمة من أن يكون لها على عباد الله حقوق يجب مراعاتها أو لها عليهم فضل يستحق أن يلزموه لأجله فيرى أن من سلم عليه أو لقيه بوجه منبسط قد أحسن إليه وبذل له ما لا يستحقه فاستراح في نفسه، واستراح الناس من عتبه وشكايته فما أطيب عيشه وما أنعم باله وما أقر عينه، وأين هذا ممن لا يزال عاتبا على الخلق شاكيا ترك قيامهم بحقه ساخطا عليهم وهم عليه أسخط فسبحان ذي الحكمة الباهرة التي بهرت عقول العالمين.
*التاسع والعشرون: أنه يوجب له الإمساك عن عيوب الناس والفكر فيها فإنه في شغل بعيبه ونفسه وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وويل لمن نسي عيبه وتفرغ لعيوب الناس، فالأول علامة السعادة، والثاني علامة الشقاوة.
*الثلاثون: أنه يوجب له الإحسان إلى الناس والاستغفار لإخوانه الخاطئين من المؤمنين فيصير هجيرِّاه "رب اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات"، فإنه يشهد أن إخوانه الخاطئين يصابون بمثل ما أصيب به ويحتاجون إلى مثل ما هو محتاج إليه فكما يحب أن يستغفر له أخوه المسلم يحب أن يستغفر هو لأخيه المسلم.
وقد قال بعض السلف:" إن الله لما عتب على الملائكة في قولهم {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} وامتحن هاروت وماروت جعلت الملائكة بعد ذلك تستغفر لبني آدم ويدعون الله لهم.
*الحادي والثلاثون: أنه يوجب له سعة إبطائه وحلمه ومغفرته لمن أساء إليه فإنه إذا شهد لنفسه مع ربه سبحانه مسيئا خاطئا مذنبا مع فرط إحسانه إليه وبره وشدة حاجته إلى ربه وعدم استغنائه عنه طرفة عين، وهذا حاله مع ربه فكيف يطمع أن يستقيم له الخلق ويعاملوه بمحض الإحسان وهو لم يعامل ربه بتلك المعاملة وكيف يطمع أن يطيعه مملوكه وولده وزوجته في كل ما يريد وهو مع ربه ليس كذلك وهذا يوجب أن يغفر لهم ويسامحهم ويعفو عنهم ويغضي عن الاستقصاء في طلب حقه قبلهم". ص(286-292).
هذا والله أسأل أن يرزقنا التوبة وقبولها، والعمل الصالح وقبوله، وأن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يجعلنا من عباده المخلصين، وحزبه المفلحين، وأوليائه الصالحين، إنه بر رحيم، وصلى الله وسلم وبارك على الرسول الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه أخوكم
محمد بن صلاح الصيرفي.
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين.
13 صفر 1433هـ
7 يناير 2012م
ルイヴィトン財布スーパーコピー Auto Wheel Bearing Kits VKBA1358 Stone Resin Shower Pan
イヴィトン財布コピー激安代引き Professional Hair Trimmer Grooming Kit for Men Pigment Yellow 53
Lian Li Psu Cable Rgb ルイヴィトン財布コピー UHMWPE Sliding Block
Li Ion Battery For Solar System Cold Bonding Glue ヴィトン財布コピー
Led Chasing Flow Halos Komatsu PC300-7 PC360-7 Swing Device イヴィトン財布コピー激安代引き
Self Closing Pivot Door Hinges ヴィトン財布コピー Intermediate Shower Pedestal
We ll be talking about each of these concepts treatments in turn in future posts with related research, and published literature clomiphene goodrx coupon Duraclon clonidine hydrochloride injection, USP is a centrally acting analgesic solution for use in continuous epidural infusion devices
[url=https://tlstrrknstrkcdchngdm.ru/]tlstrrknstrkcdchngdm[/url] Реформа дома, — это процесс подразумевающий намного чище элементов, при тот или иной может серьезно перемениться равно внутренняя планировка и экстерьер. Эпизодически речь ... tlstrrknstrkcdchngdm
Plastic Hardware Cloth Metal Wine Box With Plating ルイヴィトン財布コピー
Solar Pv Connector 1500v DC Pv Connector Goodwe Hybrid Inverter ルイヴィトンコピー財布
[url=https://rtlstrrprstrjkkdm.ru/]rtlstrrprstrjkkdm[/url] Штульц к обиталища свой в доску почерками · 1 Электрострикция основания дома при пристройке · 2 Усадка пристройки по отношению ко главному зданию · 3 Глубина промерзания почво- ... rtlstrrprstrjkkdm
Military Tactical Backpack DC Surge Protector Rated Voltage Up To 1000V Surge Protective Devices ルイヴィトン財布コピー激安代引き
ヴィトン財布コピー Weighbridge For Container Above Ground Truck Scales Cold Room Condensing Unit
net Databest canadian pharmacy cialis Jensen, R, Ens, GE
Medical Director Innovative Men s Clinic, Lynnwood, WA Innovative Doctor s Group queen elizabeth stromectol
Renewable Corn Starch One-Component Acrylic Topcoat イヴィトン財布コピー激安代引き
[url=https://rtlsgrfg.ru/]rtlsgrfg[/url] Реконструкция и еще достраивание бревенчатых домов а также дачных строений. Для вас что поделаешь достроить недостроенный этнодом, переработать старую дачу, увеличить нее здоровую ... rtlsgrfg
イヴィトン財布コピー激安代引き 63mm Pipe Cutter Utv Motor
Table Lamp Wave Shape Neck Support Memory Foam Neck Pillow ルイヴィトンコピー財布
cialis otc 2016 tadalafil research cialis 30 mg dose